ﯾﺘﻨﺎول ھﺬا اﻟﻤﺠﻠﺪ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﺸﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﺣﯿﺚ ﯾﻀﻢ ﻗﺴﻤﯿﻦ ﯾﺘﻨﺎوﻻن اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ و اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺤﻀﺎري. و ﯾﺘﻨﺎول اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺘﯿﻦ اﻹدارﯾﺔ و اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﻀﻢ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺠﺪاول ﺗﺒﯿﻦ أﺳﻤﺎء اﻟﻮﻻة ﻓﻲ طﺮاﺑﻠﺲ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﺒﺎر ﻣﻮظﻔﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻗﻀﺎة و ﻛﺘﺎب دﯾﻮان. و ﯾﻤﺘﺪ ﻟﯿﺸﻤﻞ اﻟﺘﺮﻛﯿﺒﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﻤﺪﯾﻨﺔ، ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻗﻠﯿﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﺎﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ و اﻹﺳﻤﺎﻋﯿﻠﯿﯿﻦ. ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻢ أﯾﻀﺎ إﺑﺮاز اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﮫ طﺮاﺑﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻣﺜﻞ اﻷرﻣﻦ و اﻟﺘﺘﺎر، ﻛﺬﻟﻚ ﯾﺘﻢ اﺳﺘﻌﺮاض ﺗﺎرﯾﺦ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻨﻀﺎﻟﻲ ﺿﺪ اﻷوروﺑﯿﯿﻦ إذ ﯾﺮﻛﺰ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻠﻰ دور اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ إﺧﺮاج ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم ﻣﻦ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﯿﻦ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺻﻤﻮدھﺎ أﻣﺎم اﻟﻐﺎرات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺸﻨﮭﺎ اﻟﻘﺒﺎرﺻﺔ و اﻹﯾﻄﺎﻟﯿﻮن. و ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﯾﺘﻢ ﺗﺴﻠﯿﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪت وﻗﻮع ﻓﺘﻦ و اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ طﺮاﺑﻠﺲ ﺧﻼل اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ. ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻮارث اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻮادث اﻟﻄﺮﯾﻔﺔ اﻟﻨﺎدرة. و ﯾﻨﺘﮭﻲ ھﺬا اﻟﺠﺰء ﺑﺘﺤﻮل طﺮاﺑﻠﺲ إﻟﻰ وﻻﯾﺔ ﻋﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط دوﻟﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ.
ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﯾﺘﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺑﻨﺎء ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻘﺮوﺳﻄﯿﺔ، إذ ﯾﺘﻨﺎول اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﺎ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﮫ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺎرة ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ و دﯾﻨﯿﺔ و ﻣﺪﻧﯿﺔ، ﺑﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺟﺪ و زواﯾﺎ و أﺳﻮاق و ﻣﺪارس و ﺣﻤﺎﻣﺎت و أﺑﺮاج و ﻗﻨﺎطﺮ و ﻧﻘﻮش و ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ. و إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺻﯿﻔﺎت اﻟﺪﻗﯿﻘﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﻟﻢ اﻷﺛﺮﯾﺔ ﯾﺘﺨﻠﻞ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻋﺪد ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر و اﻟﺨﺮاﺋﻂ، و ھﺬا ﻣﺎ ﯾﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺼﺪرا ھﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﯿﻦ اﻟﻤﮭﺘﻤﯿﻦ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻌﻤﺎرة و اﻟﻔﻨﻮن اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪة ﻟﻠﻌﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ. ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺤﯿﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﻐﻄﯿﮫ ھﺬا اﻟﺠﺰء، ﺣﯿﺚ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ اﻷھﻤﯿﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻊ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ ﻟﻠﻤﺪﯾﻨﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﺑﺮز اﻟﻨﺸﺎطﺎت اﻟﺰراﻋﯿﺔ و اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ و اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﺳﻜﺎﻧﮭﺎ، و ﻻ ﯾﻘﺘﺼﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﻓﺤﺴﺐ و إﻧﻤﺎ ﯾﻤﺘﺪ ﻟﯿﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﻔﯿﻨﯿﻘﯿﺔ. و أﺧﯿﺮا ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﯿﺘﻨﺎول اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪﺗﮭﺎ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ إذ ﯾﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺄھﻢ أدﺑﺎء اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ و ﺷﻌﺮاﺋﮭﺎ و ﻓﻘﮭﺎﺋﮭﺎ. و ﻗﺪ أﻟﺤﻖ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﮭﺬه اﻟﻔﺼﻮل ﻗﺴﻤﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﯾﺘﻀﻤﻦ ﻣﻠﺤﻘﺎت ﺗﻤﺖ إﻋﺎدة ﺗﻨﻀﯿﺪ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﯿﻨﻤﺎ أﺿﯿﻒ ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻵﺧﺮ ﻛﻤﺨﻄﻮطﺎت ﺗﻨﺸﺮ ﻷول ﻣﺮة. و ﯾﺸﻐﻞ ھﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻜﻦ أھﻤﯿﺘﮫ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ و اﻟﻤﮭﺘﻤﯿﻦ ﺑﺪراﺳﺔ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ.
و ﺑﺎﻟﻌﻤﻮم ﯾﺘﻤﯿﺰ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﺸﻤﻮﻟﯿﺔ ﺣﯿﺚ أﻧﮫ ﯾﻐﻄﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ دﻗﯿﻘﺔ و ﻣﻔﺼﻠﺔ. إﻻ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻮ ﻗﺎم اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ ﻣﻮﺟﺰ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻷول ﺑﻐﯿﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻘﺎرئ ﻓﻲ اﺳﺘﯿﻌﺎب ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﻄﺮق إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﻠﺪ. و ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻤﺤﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻣﻮﺟﺰة ﻋﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ أن ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻜﺘﺎب ﺿﻤﻦ إطﺎره اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ و اﻟﺤﻀﺎري اﻟﻌﺎم.
مريم بن عمر
ﯾﺘﻨﺎول ھﺬا اﻟﻤﺠﻠﺪ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﺸﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﺣﯿﺚ ﯾﻀﻢ ﻗﺴﻤﯿﻦ ﯾﺘﻨﺎوﻻن اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ و اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺤﻀﺎري. و ﯾﺘﻨﺎول اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺘﯿﻦ اﻹدارﯾﺔ و اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﻀﻢ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺠﺪاول ﺗﺒﯿﻦ أﺳﻤﺎء اﻟﻮﻻة ﻓﻲ طﺮاﺑﻠﺲ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﺒﺎر ﻣﻮظﻔﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻗﻀﺎة و ﻛﺘﺎب دﯾﻮان. و ﯾﻤﺘﺪ ﻟﯿﺸﻤﻞ اﻟﺘﺮﻛﯿﺒﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﻤﺪﯾﻨﺔ، ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻗﻠﯿﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﺎﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ و اﻹﺳﻤﺎﻋﯿﻠﯿﯿﻦ. ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻢ أﯾﻀﺎ إﺑﺮاز اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﮫ طﺮاﺑﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻣﺜﻞ اﻷرﻣﻦ و اﻟﺘﺘﺎر، ﻛﺬﻟﻚ ﯾﺘﻢ اﺳﺘﻌﺮاض ﺗﺎرﯾﺦ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻨﻀﺎﻟﻲ ﺿﺪ اﻷوروﺑﯿﯿﻦ إذ ﯾﺮﻛﺰ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻠﻰ دور اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ إﺧﺮاج ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم ﻣﻦ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﯿﻦ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺻﻤﻮدھﺎ أﻣﺎم اﻟﻐﺎرات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺸﻨﮭﺎ اﻟﻘﺒﺎرﺻﺔ و اﻹﯾﻄﺎﻟﯿﻮن. و ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﯾﺘﻢ ﺗﺴﻠﯿﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪت وﻗﻮع ﻓﺘﻦ و اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ طﺮاﺑﻠﺲ ﺧﻼل اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ. ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻮارث اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻮادث اﻟﻄﺮﯾﻔﺔ اﻟﻨﺎدرة. و ﯾﻨﺘﮭﻲ ھﺬا اﻟﺠﺰء ﺑﺘﺤﻮل طﺮاﺑﻠﺲ إﻟﻰ وﻻﯾﺔ ﻋﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط دوﻟﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ.
ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﯾﺘﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺑﻨﺎء ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻘﺮوﺳﻄﯿﺔ، إذ ﯾﺘﻨﺎول اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﺎ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﮫ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺎرة ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ و دﯾﻨﯿﺔ و ﻣﺪﻧﯿﺔ، ﺑﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺟﺪ و زواﯾﺎ و أﺳﻮاق و ﻣﺪارس و ﺣﻤﺎﻣﺎت و أﺑﺮاج و ﻗﻨﺎطﺮ و ﻧﻘﻮش و ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ. و إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺻﯿﻔﺎت اﻟﺪﻗﯿﻘﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﻟﻢ اﻷﺛﺮﯾﺔ ﯾﺘﺨﻠﻞ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻋﺪد ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر و اﻟﺨﺮاﺋﻂ، و ھﺬا ﻣﺎ ﯾﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺼﺪرا ھﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﯿﻦ اﻟﻤﮭﺘﻤﯿﻦ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻌﻤﺎرة و اﻟﻔﻨﻮن اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪة ﻟﻠﻌﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ. ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺤﯿﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﻐﻄﯿﮫ ھﺬا اﻟﺠﺰء، ﺣﯿﺚ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ اﻷھﻤﯿﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻊ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ ﻟﻠﻤﺪﯾﻨﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﺑﺮز اﻟﻨﺸﺎطﺎت اﻟﺰراﻋﯿﺔ و اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ و اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﺳﻜﺎﻧﮭﺎ، و ﻻ ﯾﻘﺘﺼﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﻓﺤﺴﺐ و إﻧﻤﺎ ﯾﻤﺘﺪ ﻟﯿﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﻔﯿﻨﯿﻘﯿﺔ. و أﺧﯿﺮا ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﯿﺘﻨﺎول اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪﺗﮭﺎ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ إذ ﯾﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺄھﻢ أدﺑﺎء اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ و ﺷﻌﺮاﺋﮭﺎ و ﻓﻘﮭﺎﺋﮭﺎ. و ﻗﺪ أﻟﺤﻖ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﮭﺬه اﻟﻔﺼﻮل ﻗﺴﻤﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﯾﺘﻀﻤﻦ ﻣﻠﺤﻘﺎت ﺗﻤﺖ إﻋﺎدة ﺗﻨﻀﯿﺪ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﯿﻨﻤﺎ أﺿﯿﻒ ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻵﺧﺮ ﻛﻤﺨﻄﻮطﺎت ﺗﻨﺸﺮ ﻷول ﻣﺮة. و ﯾﺸﻐﻞ ھﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻜﻦ أھﻤﯿﺘﮫ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ و اﻟﻤﮭﺘﻤﯿﻦ ﺑﺪراﺳﺔ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ.
و ﺑﺎﻟﻌﻤﻮم ﯾﺘﻤﯿﺰ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﺸﻤﻮﻟﯿﺔ ﺣﯿﺚ أﻧﮫ ﯾﻐﻄﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ دﻗﯿﻘﺔ و ﻣﻔﺼﻠﺔ. إﻻ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻮ ﻗﺎم اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ ﻣﻮﺟﺰ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻷول ﺑﻐﯿﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻘﺎرئ ﻓﻲ اﺳﺘﯿﻌﺎب ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﻄﺮق إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﻠﺪ. و ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻤﺤﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻣﻮﺟﺰة ﻋﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ أن ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻜﺘﺎب ﺿﻤﻦ إطﺎره اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ و اﻟﺤﻀﺎري اﻟﻌﺎم.
مريم بن عمر