ﯾﺨﺼﺺ اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪراﺳﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﺸﺎم ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، و ﯾﻨﺒﻊ اھﺘﻤﺎﻣﮫ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺒﺎرزة اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪھﺎ ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة. و ﻗﺪ ﻟﺠﺄ إﻟﻰ ﺗﻘﺴﯿﻢ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ، ﺣﯿﺚ ﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﺑﺘﻨﺎول اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ، و ذﻟﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻌﺮﺑﻲ و ﺣﺘﻰ ﺣﺼﻮل طﺮاﺑﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎطﻤﯿﺔ، و ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﻣﺎرة ﻋﺮﺑﯿﺔ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ ﻓﻲ ظﻞ ﺣﻜﻢ أﺳﺮة ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺎر، ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻟﯿﺘﻨﺎول ﺳﻘﻮطﮭﺎ ﺑﺄﯾﺪي اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﯿﻦ و ﻣﺎ ﻟﺤﻖ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻟﮭﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ إﻣﺎرة ﺻﻠﯿﺒﯿﺔ، و ﻣﻦ ﺛﻢ اﺳﺘﺮداد اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﮭﺎ ﻟﺘﺨﻀﻊ ﻟﺪوﻟﺘﻲ اﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ اﻟﺒﺤﺮﯾﺔ و اﻟﺸﺮاﻛﺴﺔ. و أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎول اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ طﺮاﺑﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، و ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺗﻮﺻﯿﻔﺎت ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻗﻼوون ﺑﮭﺪﻣﮭﺎ ﺳﻨﺔ ٦٨٩ ھﺠﺮﯾﺔ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺒﻨﺎء ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻨﮭﺎ. و ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻢ أﯾﻀﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﺤﯿﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ و اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة، ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﯿﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ ﻋﻦ اﻷﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع اﻟﺒﺮي و اﻟﺒﺤﺮي. و ﻗﺪ ﺧﺼﺺ اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﻔﺼﻠﯿﻦ اﻷﺧﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺘﻨﺎول ﺑﻌﺾ اﻻَﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ، و ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﺗﻠﻚ اﻵﺛﺎر ﻣﺴﺎﺟﺪ و ﻣﺪارس و أﺑﻨﯿﺔ ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ و ﻣﺪﻧﯿﺔ.
و ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻷﺑﺤﺎث
اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ ﯾﺒﺮز ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻨﻔﺮدا ﺑﻤﺎ ﯾﻘﺪﻣﮫ ﻣﻦ ﺻﻮرة ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ
ﻋﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، و ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻓﻠﻢ ﺗﺤﻆ ﺑﻌﺪ
ﺑﻤﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ و ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻧﺸﻐﺎﻟﮭﻢ ﺑﻮﺟﮫ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻓﯿﮭﺎ
طﺮاﺑﻠﺲ ﻣﺮﻛﺰا ﻹﻣﺎرة ﺻﻠﯿﺒﯿﺔ. ﻟﺬﻟﻚ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أن ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻗﺪ أﺳﮭﻢ ﻓﻲ إﺣﯿﺎء اﻻھﺘﻤﺎم
ﺑﻔﺘﺮات ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺑﻘﯿﺖ ﻣﮭﻤﻠﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ رﻏﻢ ﻏﻨﺎھﺎ ﺑﺎﻷﺣﺪاث اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺒﺎرزة و ﺑﺄﺻﺎﻟﺔ
و ﺗﻨﻮع آﺛﺎرھﺎ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ. و ﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎع ﻣﻨﮭﺞ ﻋﻠﻤﻲ ﻣﻨﻈﻢ،
ﻗﺎم ﻓﯿﮫ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﻣﺎدﺗﮫ اﻟﺘﻮﺛﯿﻘﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻤﻘﺎرﺑﺘﮭﺎ
ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ ﺟﺪﻟﯿﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺎ ﺑﯿﻦ ﻣﻘﻮﻻت اﻟﻤﺆرﺧﯿﻦ اﻟﻤﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﯿﺎن ﺑﻐﯿﺔ اﻟﻮﺻﻮل
إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﯾﺸﻜﻞ اﻟﺼﻮرة اﻷﻛﺜﺮﻣﺼﺪاﻗﯿﺔ و اﻷﻗﺮب ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ.
و ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﯾﻘﺪﻣﮫ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﻣﺎدة ﻋﻠﻤﯿﺔ ﻏﻨﯿﺔ ﻓﻘﺪ واﺟﮫ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﺿﯿﺢ و ﺗﺮﺗﯿﺐ أﻗﺴﺎم دراﺳﺘﮫ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﻠﺴﻞ و واﺿﺢ. و ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ أﯾﻀﺎ أن اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺛﯿﻖ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﻘﺎرﺑﺔ واﻗﻊ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺠﺪ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻋﺪم دﻗﺔ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮت ﺑﺎﻷﺑﯿﺾ و اﻷﺳﻮد، و ھﺬا ﻣﺎ أﺛﺮﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻧﺠﺎﺣﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻮاﻗﻊ.
و إﺟﻤﺎﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل
أن اﻟﺒﺤﺚ ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ ﻣﻨﮭﺠﯿﺔ ﺟﯿﺪة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ و اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ
ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﺸﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ، و ﻟﺬﻟﻚ ﻓﮭﻮ ﯾﺸﻜﻞ ﻣﺮﺟﻌﺎ ﻣﺘﻔﺮدا ﻟﻠﺮاﻏﺒﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف
ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮة ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ھﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ.
ﺷﯿﺮﯾﻦ ﺧﻀﺮ
ﯾﺨﺼﺺ اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪراﺳﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﺸﺎم ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، و ﯾﻨﺒﻊ اھﺘﻤﺎﻣﮫ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺒﺎرزة اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪھﺎ ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة. و ﻗﺪ ﻟﺠﺄ إﻟﻰ ﺗﻘﺴﯿﻢ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ، ﺣﯿﺚ ﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﺑﺘﻨﺎول اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ، و ذﻟﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻌﺮﺑﻲ و ﺣﺘﻰ ﺣﺼﻮل طﺮاﺑﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎطﻤﯿﺔ، و ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﻣﺎرة ﻋﺮﺑﯿﺔ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ ﻓﻲ ظﻞ ﺣﻜﻢ أﺳﺮة ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺎر، ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻟﯿﺘﻨﺎول ﺳﻘﻮطﮭﺎ ﺑﺄﯾﺪي اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﯿﻦ و ﻣﺎ ﻟﺤﻖ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻟﮭﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ إﻣﺎرة ﺻﻠﯿﺒﯿﺔ، و ﻣﻦ ﺛﻢ اﺳﺘﺮداد اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﮭﺎ ﻟﺘﺨﻀﻊ ﻟﺪوﻟﺘﻲ اﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ اﻟﺒﺤﺮﯾﺔ و اﻟﺸﺮاﻛﺴﺔ. و أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎول اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ طﺮاﺑﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، و ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺗﻮﺻﯿﻔﺎت ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻗﻼوون ﺑﮭﺪﻣﮭﺎ ﺳﻨﺔ ٦٨٩ ھﺠﺮﯾﺔ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺒﻨﺎء ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻨﮭﺎ. و ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻢ أﯾﻀﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﺤﯿﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ و اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة، ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺘﻘﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﯿﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ ﻋﻦ اﻷﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع اﻟﺒﺮي و اﻟﺒﺤﺮي. و ﻗﺪ ﺧﺼﺺ اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﻔﺼﻠﯿﻦ اﻷﺧﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺘﻨﺎول ﺑﻌﺾ اﻻَﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ، و ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﺗﻠﻚ اﻵﺛﺎر ﻣﺴﺎﺟﺪ و ﻣﺪارس و أﺑﻨﯿﺔ ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ و ﻣﺪﻧﯿﺔ.
و ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻷﺑﺤﺎث
اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ ﯾﺒﺮز ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻨﻔﺮدا ﺑﻤﺎ ﯾﻘﺪﻣﮫ ﻣﻦ ﺻﻮرة ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ
ﻋﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، و ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻓﻠﻢ ﺗﺤﻆ ﺑﻌﺪ
ﺑﻤﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ و ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻧﺸﻐﺎﻟﮭﻢ ﺑﻮﺟﮫ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻓﯿﮭﺎ
طﺮاﺑﻠﺲ ﻣﺮﻛﺰا ﻹﻣﺎرة ﺻﻠﯿﺒﯿﺔ. ﻟﺬﻟﻚ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أن ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻗﺪ أﺳﮭﻢ ﻓﻲ إﺣﯿﺎء اﻻھﺘﻤﺎم
ﺑﻔﺘﺮات ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺑﻘﯿﺖ ﻣﮭﻤﻠﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ رﻏﻢ ﻏﻨﺎھﺎ ﺑﺎﻷﺣﺪاث اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺒﺎرزة و ﺑﺄﺻﺎﻟﺔ
و ﺗﻨﻮع آﺛﺎرھﺎ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ. و ﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎع ﻣﻨﮭﺞ ﻋﻠﻤﻲ ﻣﻨﻈﻢ،
ﻗﺎم ﻓﯿﮫ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﻣﺎدﺗﮫ اﻟﺘﻮﺛﯿﻘﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻤﻘﺎرﺑﺘﮭﺎ
ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ ﺟﺪﻟﯿﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺎ ﺑﯿﻦ ﻣﻘﻮﻻت اﻟﻤﺆرﺧﯿﻦ اﻟﻤﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﯿﺎن ﺑﻐﯿﺔ اﻟﻮﺻﻮل
إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﯾﺸﻜﻞ اﻟﺼﻮرة اﻷﻛﺜﺮﻣﺼﺪاﻗﯿﺔ و اﻷﻗﺮب ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ.
و ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﯾﻘﺪﻣﮫ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﻣﺎدة ﻋﻠﻤﯿﺔ ﻏﻨﯿﺔ ﻓﻘﺪ واﺟﮫ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﺿﯿﺢ و ﺗﺮﺗﯿﺐ أﻗﺴﺎم دراﺳﺘﮫ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﻠﺴﻞ و واﺿﺢ. و ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ أﯾﻀﺎ أن اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺛﯿﻖ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﻘﺎرﺑﺔ واﻗﻊ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺠﺪ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻋﺪم دﻗﺔ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮت ﺑﺎﻷﺑﯿﺾ و اﻷﺳﻮد، و ھﺬا ﻣﺎ أﺛﺮﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻧﺠﺎﺣﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻮاﻗﻊ.
و إﺟﻤﺎﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل
أن اﻟﺒﺤﺚ ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ ﻣﻨﮭﺠﯿﺔ ﺟﯿﺪة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ و اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ
ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ طﺮاﺑﻠﺲ اﻟﺸﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ، و ﻟﺬﻟﻚ ﻓﮭﻮ ﯾﺸﻜﻞ ﻣﺮﺟﻌﺎ ﻣﺘﻔﺮدا ﻟﻠﺮاﻏﺒﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف
ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮة ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ھﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ ھﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ.
ﺷﯿﺮﯾﻦ ﺧﻀﺮ